Monday, May 14, 2007

حكم الادارية العليا: هل يوقف مسلسل الاحالات العسكرية

تفاؤل وحذر ورسائل سياسية تطرح أزمة الفصل بين السلطات


اصدرت محكمة القضاء الادارى يوم الثلاثاء الماضى حكمها بالغاء قرار رئيس الجمهورية باحالة خيرت الشاطر النائب الثانى للمرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين وحوالى 30 اخرين للمحاكمة العسكرية بتهم غسيل الاموال والارهاب ومنعهم هم واولادهم وزوجاتهم من التصرف فى اموالهم .على خلفية العرض العسكرى الذى نظمه مجموعة من الطلاب المنتمين للجماعة داخل جامعة الازهر امام مكتب رئيس الجامعة . مرتدين زى شبه عسكرى خلال شهر فبراير الماضى . وتقدم بعدها دفاع عدد من المتهمين وزويهم بطعن على قرار الاحالة امام محكمة القضاء الادارى التى اكدت فى حيثيات حكمها على ان "قواعد المحاكمة وفقا لاحكام الدستور المصري والمعايير الدولية تقتضي محاكمة الانسان أمام قاضيه الطبيعي " وهو حكم وصف بالسابقة فى تاريخ القضاء المصرى حيث اشار الحكم اى " أن محاكمة المواطن أمام القاضي الطبيعي هو مبدأ من مبادئ سيادة القانون والحريات التي تتصل بشخص الانسان ولا تقوم إلا به " ونفت المحكمة ان النظام القانونى المصرى يعرف السلطة المطلقة البعيدة عن اشراف القضاء وان الدستور ينص على انه لاحصانة لأى قرار ادارى من الاشراف القضائى واضافت "هناك نزاع دستوري ما زال معروضا على المحكمة الدستورية العليا منذ أكثر من عشر سنوات يتعلق بمدى دستورية المادة السادسة فقرة ثانية من قانون الاحكام العسكرية... وهو ما لا يرفع عن هذا النص شبهة عدم الدستورية "
ورغم اثاره العرض العسكرى لطلاب الجماعة فى جامعة الازهر من شكوك وقلق وتساؤلات حول ما اذا كانت الجماعة تحوى خلايا او تنظيمات شبه عسكرية ومدى خطورة ذلك على الامن القومى المصرى وسيادة القانون والذى ظهر واضحا فى تصريحات مبارك واصفا الاخوان بالخطر على الامن المصرى .
الاان كل هذه الشكوك والقلق لم تمنع العديد من قوى المعارضة ومنظمات المجتمع المدنى وخاصة الحقوقية من اعلان استيائهم من احالة المدنيين للمحاكمات العسكرية ومدى تعارض ذلك مع المعايير الدولية لحقوق الانسان التى تكفل محاكمة عادلة للمدنيين امام قاضيهم الطبيعى .
وتبع صدور الحكم القلق لدى البعض من امتناع الحكومة المصرية من تنفيذ الحكم والاصرار على استمرار حبس خيرت الشاطر ومن معه .
وهو ما اكده حسين ابراهيم نائب رئيس كتلة الاخوان بمجلس الشعب الذى يقول ان بعد صدور هذا الحكم اصبحت الكرة فى ملعب الحكومة واذا كانت جادة فى حديثها عن سيادة القانون فيجب ان يبيت المتهمين فى منازلهم اليلة لان حكم الادارية العليا فى الشق المستعجل واجب النفاذ وكانت قد اصدرت محكمة الجنايات قبل ذلك ثلاث احكام باخلاء سبيل المتهمين وهو مايوجب على الحكومة الافراج عنهم فور الا اذا اصرت الحكومة على استمرار اعتقالهم دون سند قانونى فى تحدى لحكم المحكمة . ويتمنى ان لاتلجا الحكومة الى الاستشكالات والطعون التى تقام امام محاكم غير مختصة لتعطيل تنفيذ الاحكام . ويعترض على مبدا الاحالة للمحاكمات العسكرية لاانه يتعارض مع 7 او 8 مواد من الدستور الذى يعمل القضاء المصرى على تطبيقه والحفاظ عليه فهو يصف القضاء المصرى "انه بخير " لذلك يقول ان الجماعة حريصة على استقلاله وعدم الانتقاص من دوره لأنه الملجاء الذى لا غيره.
ومن جانبه يصف السفير ناجى الغطريفى رئيس حزب الغد السابق الحكم يعنى لاتزال هناك فرصة لحكم القانون فى هذه الدولة بعيدا عن النزاعات السياسية او محاولات غير المشروعة فى التعامل مع الخصومة السياسية .ووضع حدود لأفتراء السلطة ويأمل ان يكون هذا الحكم اساس لعدم احالة المدنيين للمحاكمات العسكرية التى يحاول بعض المحللين الحكوميين بوصفها بالعادلة مثلها مثل القضاء الطبيعى ويتوقع للحكم تداعيات وصفها بالخطيرة فى المستقبل القريب خاصة فى ظل تعديل المادة 179 من الدستور .
ومن وجهة نظر ابوا العز الحريرى النائب السابق عن حزب التجمع فى البرلمان الحكم جيد فى هذا التوقيت لكنه مؤقت حسب ماجاء على لسانه ويتوقع ان من تداعيات هذا الحكم فى المستقبل القريب هو عدم الافراج عن المتهمين وتجديد اعتقالهم بقرار ادارى اخر . كذلك سيتسبب الحكم فى اسراع الحكومة فى تمرير قانون الارهاب وسيضاف له فقره انتقالية تنص على ان يتم التعامل مع قضايا امن الدولة بقانون الارهاب الجديد لحين يصبح القانون سارى المفعول وبالتالى سيكون اعتقال المتهمين اسهل من الناحية القانونية . ويعيب على الحكومة الوضع الحالى للدولة ويتسأل اذا كان الاخوان يتلاعبون بالدين بالفعل فهم يتلاعبوا على خلفية وجود مشكلات عميقة فى المجتمع كان اولى على الحكومة ان تحل هى هذه المشكلات !
وعن الزوايا القانونية للحكم يؤكد عصام الاسلامبولى الخبير الدستورى ان الحكم يعيد الامور لوضعها الصحيح ويقول ان من الؤكد ان الحكم استند الى اعمال مبادىء القانون العام الذى يضمن لاى شخص ان يحاكم امام قاضيه الطبيعى خاصة وان التهم الموجهة فى هذه الدعوى جنائية وليست عسكرية وان قرار الاحالة جاء متضارب مع مبدأ المحاكمة العادلة والمنصفة ويتوقع اشارة حيثيات الحكم الى ان قرار الاحالة جاء مشوب بعيب انحراف فى استعمال السلطة وسؤ استغلالها .
ويوضح د/ عاطف البنا الخبير الدستورى ان احد اهم الدفوع التى قدمت فى هذه الدعوى هو الغاء النص القانونى الذى كان يعطى لرئيس الجمهورية الحق فى احالة المدنيين للمحاكمة العسكرية فى عام 1980 عندما اعطى هذا الاختصاص لمحاكم امن الدولة العليا الى جانب الطعن المنظور امام المحكمة الدستورية منذ عام 1995 على شبهة عدم دستورية قانون المحاكم العسكرية ولم تفصل فيه المحكمة حتى الان وهوالقانون الذى يتعارض مع عدة مبادىء فى الدستور من اهمها مبدأ المساواة بين المواطنين .
(وعن تكرار مثل هذه الاحالات فى المستقبل فى ظل تعديل المادة 179 من الدستور والتى تعطى رئيس الجمهورية الحق دستوريا فى الاحالات العسكرية يقول فى هذه الحالات سيتم الطعن على القرار الادارى الذى يوصف الجريمة او الفعل الذى قام به المتهمين ايا كانوا بانه من قبيل الاعمال الارهابية لاانه سيصعب فى هذه الاثناء الطعن على قرار الاحالة نفسه المكتسب الحصانة الدستورية )
و يؤكد ناصر امين مدير مركز استقلال القضاء والمحاماة ان الحكم هو الاول بعد محاولة المستشار طارق البشرى فى التسعينات لآصدار حكم مشابه الاان الحكومة تلاعبت بالدعوى قبل صدور الحكم وطلبت احالة الدعوى للمحكمة الدستورية لطلب الاستفسار وصدرت الدستورية فى هذا الوقت مشورة قانونية وليس فتوى اوحكم بان قرار الاحالة فى وقتها جاء مستند الى المادة 6 من قانون المحاكم العسكرية . وجاء حكم المستشار محمد الحسينى كسابقة اولى بعد المحاولة السابقة فى التسعينات . ويحلل تداعيات الحكم من وجهة نظره ان يتوقع ان تشهد الساحة القضائية فى الفترة القادمة مثل هذه الاحكام فى ظل الصراع الحالى بين السلطة التنفيذية والقضائية ويتمنى ان لايتم الغاء الحكم فى المحاكم الاستئنافية . فالحكم منوجهة نظره محاولة لوقف اساءة استخدام النصوص الدستورية فى الاحالات العسكرية . كما انها رسالة للمشرع المصرى لعدم الافراط فى منح السلطات والصلاحيات لرئيس السلطة التنفيذية .

No comments: